فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
بصيرة في يمن:
اليُمْنُ بالضَمِّ: البَرَكَةُ كالمَيْمَنَة، وقد يَمَنَ الشيء يَيَمْنُ كعَلِمَ يَعْلَمُ، ويُمِنَ يُومَنُ كعُنى يُعْنَى، ويَمَنَ يَيْمَنُ كمَنَع وَيَمُنَ يَيْمُنُ ككَرُمَ يَكْرُم، فهو مَيْمُونٌ وأَيْمَنُ ويامِنٌ ويَمِينٌ، أي مُبارَكٌ، والجمعُ أَيامِنُ ومَيامِينُ.
وتَيَمَّن به، واسْتَيْمَنَ: تَبَرَّك.
وقَدِمَ على أَيْمَن اليَمين، أي اليُمن.
واليَمينُ: الجارِحَةُ، وضدُّ اليَسار، واستعماله في وصف الله في قوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} على حدّ استعمال اليَد فيه.
واليَمينُ أَيضا: البَرَكَةُ، واليمين: المَنْزِلَةُ الجَليلَة، والجَمْع: أَيْمُنٌ وأَيْمانٌ، وأَيا مِنُ، وأَيامينُ.
ويَمَنَ به يَيْمِنُ ويا مَنُ، ويَمَّنَ، وتَيامَنَ: ذهَبَ به ذاتَ اليَمين وقولُه تعالى: {إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} أي كنتم تَخْدَعُوننا بأَقْوَى الأَسْباب، أَو من قبل الشَّهْوَة؛ لأَن اليمينَ موضعُ الكَبد، والكَبد مَظنَّةُ الشَّهْوَة والإِرادة.
وقيل: عن الناحية التي كان منها الحَقُّ فَتَصْرفونَنَا عَنْهَا.
وأَخَذَ يَمْنَةً وَيَمَنًا، أي ناحية اليَمِين.
وقيل لبلاد اليَمَن يَمَنًا لأَنَّها من يَمين الكَعْبَة.
وفى الحديث: «الإِيمانُ يَمان والحكْمَةُ يَمانية» وقال: «إِنّى لأَجدَ نَفَسَ الرَّحْمان من قِبَل اليَمَن» وقد تقدّم معناه في بصيرة نفس.
وكان صلَّى الله عليه وسلَّم يُحبُّ التَّيامُنَ في كلّ شيء حتى في تَنْعُّله وتَرَجُّله وفى شأْنهِ كلِّه.
والأَيْمَنُ: من يَصْنَعُ بيُمْناهُ.
واليَمينُ: القَسَمُ لأَنَّهم كانوا يَتماسَحُون بأَيْمانهم فيتحالُفون وفى الحديث: «مَنْ حَلَفَ على يَمينٍ فرأَى غَيْرَها خَيْرًا منها فَلْيٌكَفِّر عَنْ يَمِينه ثمَّ ليَفْعَل الذي هو خَيْرٌ»، والجمعُ: أَيْمُنٌ وأَيْمانٌ، قال الله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ}.
وأَيْمُنُ الله بضَمّ المِيمِ وفَتْحها، والهمزة تُفْتَح وتكسر، وأَيْمُ الله وأَءِيمُ الله بفتح الهمزة وكسرها.
وإِذا كُسِرَت فالأَلفُ أَلِفُ قَطْع.
وأَمُ الله وأُم اللهِ، وأَمَ اللهِ، وإِمَ الله، وإِمُ الله بكسر الهم وضمّ الميم وفَتْحِها ومَ الله، ومِ الله، وَمُ الله، ومَنَ الله بفتحهما، ومُنُ الله بضمّهما، ومِنِ الله بكسرهما؛ ومُنِ الله بضم الميم وكسر النون.
ولَيْمُ الله بفتح اللاَّم، ولَيْمَنُ اللهِ، وهَيْمُ الله، كلّ ذلك بمعنى اسم وُضِعَ للقَسَم.
والتَّقدير أَيْمُنُ الله قَسَمى.
وهمزة أَيْمُنُ همزة وَصْل عند سيبويه.
وقال الفراءُ: جمع يَمينٍ وهمزته همزةُ قطع، ويحذفونها لكثرة الاستعمال.
وقال الزجّاج والرُّمّانىّ: أَيْمُن حرفٌ لا اسمٌ.
وعند سيبويه أَمُ وَمُ ومُنُ وبقيّة اللغات أَصلها أَيْمُن، وزعم بعضهم أَنَّ مُ المفردة بدل من واو القسم.
وزعم آخرون أَنَّ مُنُ ومُ بلغاتهما حرفان وليستا بلُغَتَىْ أَيْمنُ.
والمُيَمَّنُ كمُعَظَّم: الذي يأْتى باليُمْن والبَرَكة.
وقوله تعالى: {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي منعناه ودَفَعْناه، فعبَّر عن ذلك بالأَخْذ باليَمِين، كقولك: أَخَذ بيمِينِ فُلان.
وقوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ الْيَمِينِ} أي أَصحابُ السّعادات والمَيامن وذلك على حسب تعارُف الناس في العِبارة عن المَيامن باليَمِين، وعن الأَشائم بالشمال، وعلى ذلك قوله: {وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} الآيةِ.
وقال بعض المفسّرين: اليَمينُ ورد في القرآن على عشرة أَوجه: الأَوّل- بمعنى القُوَّة، قال تعالى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} أي بالقوة، قيل: ومنه قوله تعالى: {لأَخَذْنا مِنْهُ باليَمِين}.
الثانى- بمعنى القُدْرَة، قال الله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} أي بقُدْرَته.
الثالث- بمعنى القَسَم: قال الله تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالَّلغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} {وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ} {بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ}.
الرّابع- بمعنى العَهْد: قال الله تعالى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا} أي عهود.
الخامس- بمعنى الجَارِحة: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يامُوسَى} {يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم} {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}.
السّادس- للصّلة ولزيادة توكيد: قال تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} أي ما مَلَكَتْ، {وما مَلَكَتْ يَمِينُك} أي مَلَكْتَ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)} لَئِنْ لاحظْتَ غيري، وأثْبَتَّ معي في الإبداع سِوَايَ أحْبَطْتَ عَمَلكَ، وأبطلْتَ سعَيكَ، بل اللَّهُ- يا محمد- فاعْبُدْ، وكُنْ من جملة عبادي الشاكرين.
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ما عرفوه حَقَّ معرفته، وما وصفوه حقَّ وصفه، وما عظّموه حَقَّ تعظيمه؛ فَمَن اتصف بتمثيل، أو جَنَحَ إلى تعطيل حَادَ عن السُّنَّةِ المُثْلَى وانحرف عن الطريقة الحسنى. وصفوا الحقَّ بالأعضاء، وتَوَهَّموا في نَعْتِه الاجزاء، فما قدروه حَقَّ قَدْرِه؛ فالَخَلْقُ في قبضة قدرته، والمسوات مطويات بيمينه، ويمينهُ قُدْرَتُه. ولأنه أقسم أن يُفْنِيَ السمواتِ ويطويَها فها قادر على ذلك.
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى} تنزيهًا له عما أشركوا في وصفه. اهـ.

.تفسير الآيات (68- 70):

قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما دل على عظيم قدره بعض ما يكون يوم القيامة، أتبعه ما لا يحتمله القوي من أحوال ذلك اليوم دليلًا آخر، فقال دالًا على عظيم قدرته وعزه وعظمته بالبناء للمفعول: {ونفخ في الصور} أي القرن العاطف للأشياء المقبل بها نحو صوته المميل لها عن أحوالها العالي عليها في ذلك اليوم بعد بعث الخلائق وهي النفخة الأولى بعد البعث التي هي بعد نفختي الموت والبعث المذكورتين في سورة يس، والمراد بها- والله أعلم- إلقاء الرعب والمخافة والهول في القلوب إظهارًا للعظمة وترديًا بالكبرياء والعز في عزة يوم المحشر ليكون أول ما يفجأهم يوم الدين ما لا يحتمله القوي، ولا تطيقه الأحلام والنهى، كما كان آخر ما فجأهم في يوم الدنيا وإن افترقا في التأثير، فإن تلك أثرت الموت، وهذه أثرت الغشي لأنه لا موت بعد البعث، وهي الثالثة من النفخات {فصعق} أي مغشيًا عليه {من في السماوات} ولما كان المقام التهويل، وكان التصريح أهول، أعاد الفاعل بلفظه فقال: {ومن في الأرض}.
ولما كان منهم من لا يصعق ليعرف دائمًا أنه في كل فعل من أفعاله مختار قادر جبار، استثناه فقال: {إلا من شاء الله} أي الذي له مجامع العظمة ومعاقد العز، فيجعل الشيء الواحد هلاكًا لقوم دون قوم، وصعقًا لقوم دون قوم، يجعل ذلك الذي كان به الهلاك به الحياة وذلك الذي كان به الغشي به الإفاقة وإن كان بالنسبة إليهم على حد سواء، إعلامًا بأن الفاعل لما يريد لا الأثر، قيل: المستثنون الشهداء وقيل: غيرهم {ثم نفخ فيه أخرى} أي نفخة ثانية من هذه، وهي رابعة من النفخة المميتة، ودل على سرعة تأثيرها بالفجاءة في قوله: {فإذا هم قيام} أي قائمون كلهم {ينظرون} أي يقبلون أبصارهم أو ينتظرون ما يأتي بعد ذلك من أمثاله من دلائل العظمة، وهاتان النفختان هما المرادتان في حديث تخاصم اليهود مع المسلم الذي لطم وجهه، وفي آخره: «يصعق الناس يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أفاق قبلي أو جوزي بصعقة الطور» وقد رواه البخاري في الخصومات في موضعين، وفي أحاديث الأنبياء في موضعين، وفي الرقاق وفي التوحيد ومسلم في الفضائل، وأبو داود في السنة، والنسائي في التفسير والنعوت، وبتفصيل رواياته وجمع ألفاظها يعلم أن ما ذكرته هو المراد روى البخاري ومسلم في أحاديث الأنبياء عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: بينما يهودي يعرض سلعة له- وقال البخاري: سلعته- أعطى بها شيئًا كرهه أو لم يرضه، قال: لا والذي اصطفى موسى على البشر! فسمعه رجل من الأنصار فلطم- وقال البخاري: فقام فلطم وجهه- قال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم إن لي ذمة وعهدًا، وقال: فلان لطم وجهي،-وقال البخاري: فما بال فلان لطم وجهي؟- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «لم لطمت وجهه؟» قال: قال يا رسول الله والذي اصطفى موسى على البشر وأنت بين أظهرنا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه، ثم قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث» وفي رواية مسلم: «أو في أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقة يوم الطور أو بعث قبلي ولا أقول: إن أحدًا أفضل من يونس بن متى» وفي رواية للبخاري في تفسير الزمر: «إني من أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش فلا أدري أكذلك كان أم بعد النفخة» وفي رواية للبخاري في الخصومات والرقاق وأحاديث الأنبياء وهي لمسلم أيضًا قالا: استب رجلان: رجل من المسلمين ورجل من اليهود- وفي رواية لمسلم: رجل من اليهود ورجل من المسلمين- فقال المسلم: والذي اصفطى محمدًا صلى الله عليه وسلم على العالمين، قال البخاري في كتاب التوحيد وأحاديث الأنبياء: في قسم يقسم به، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، قال البخاري: فغضب المسلم عند ذلك فلطم وجه اليهودي، وقال مسلم وكذلك البخاري في التوحيد والخصومات وأحاديث الأنبياء: فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، قال البخاري في الخصومات: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم فسأله عن ذلك فأخبره- ثم اتفقا: فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون» قال البخاري في الرقاق والخصومات وأحاديث الأنبياء ونسخة في التوحيد: «يوم القيامة فأكون في أول من يفيق» وفي رواية له في الخصومات؛ «فأصعق معهم» وفي رواية له في الرقاق وفي رواية في التوحيد وهي رواية لمسلم وأبي داود: «فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش» وقال أبو داود: «في جانب العرش، فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله»، وفي رواية: «فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي أو اكتفى بصعقة الطور».
وفي رواية للبخاري في أحاديث الأنبياء: «فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق أو كان ممن استثنى الله»- ولم يذكر قبلي وروى الحديث الترمذي في تفسير سورة الزمر وابن ماجه في الزهد: قال: قال اليهودي، وقال ابن ماجه: رجل من اليهود بسوق المدينة: والذي اصطفى وموسى على البشر فرفع رجل من الأنصار يدًا فصك بها وجهه- وقال ابن ماجه: فلطمه- قال: تقول هذا وفينا نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: {ونفخ في الصور} وقال ابن ماجه: تقول هذا وفينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قال الله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فأكون أول من رفع رأسه فإذا موسى آخذ» وقال ابن ماجه: «فإذا أنا بموسى آخذ- بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أم كان ممن استثنى الله، ومن قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب» وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.